خريطة طبوغرافية لمنطقة تونفيت 1/50000
منطقة تونفيت المتموقعة في السلسلتين الجبليتين، العياشي3757 مترا، والمعسكر بعلو 3277 مترا، فرضت على أهل القرى التعايش مع مناخ شديد البرودة، وواقع معيشي محدود الإمكانيات، مع آمال بسيطة في تقليص هوامش العزلة والعوز.
بدت الطريق طويلة من مكناس في اتجاه "زايدة" والتي تحتم اعتماد سيارة أجرة، يشترط سائقها استوفاءعدد الركاب قبل أن ينطلق في رحلة تستغرق ثلاث ساعات، وفي هذه الأثناء كان ممكنا متابعة المناظر الطبيعية للمنطقة، حيث تتباين المنخفضات مع المرتفعات، وتتراءى تجمعات بيوت قروية موحية بالبساطة.
اجتازت "المغربية" طريقا طويلة نحو "زايدة"، لتستقل سيارة أجرة جديدة منها نحو "بومية"، وهنا كانت الطريق بدورها تساعد على رؤية الحقول الممتدة على مرمى من النظر، والتي كانت، مع ذلك، بأعشابها الصفراء تكفي للتملي في الامتداد الطبيعي.
فموعد الرحلة الذي بدأ من الحادية عشرة صباحا من مكناس، كان الجو فيه صحوا، سحب بيضاء في سماء صافية، ورياح خفيفة ترفع الغبار من أعلى الطريق، أجواء تشجع على خوض تجولات عريضة في بقاع مرتفعات جبلية.
وبنوع من التركيز في المشاهد التي عبرت من بينها سيارة الأجرة، كانت في بعض الرقع تصطف حقول مزروعة ومحاطة بسياجات، ووراء أفق هذه المزارع توجد بيوت ذات طراز مهيكل ومصمم.
كان لابد من الاستعانة بسيارة أجرة أخرى عند الوصول إلى "البومية" للانتقال إلى تونفيت، وبالمناظر الطبيعية ذاتها مع اختلاف بسيط في الأشكال والتوزيعات الجغرافية، كانت "المغربية" تراقب مسار السير الذي أخذ طابع الارتفاع مع كل تقدم نحو تونفيت.
دل تباطؤ سيارة الأجرة بأمتار معدودة من تونفيت على أن الرحلة بلغت النهاية، حيث كان ضروريا الاستعانة بفاعلين جمعويين لمرافقة "المغربية" نحو القرى النائية التابعة لتونفيت، خاصة أن سيارات الأجرة لم تكن متاحة في الطريق المؤدية للدواوير، ماعدا امتطاء الدواب وهو حل لم يكن مجديا لضيق الوقت ومشقة الطريق، أو بتسخير سيارة أحد الفاعلين الجمعويين لتمكين "المغربية" من الزيارات، بدافع منهم في التضامن مع الآهالي، وتقديرا للمساعي في التعريف بواقع قراهم البعيدة والأشبه ب"المنسية".
في قلب تونفيت
هكذا وجدت "المغربية" في تونفيت، منطقة تعج بحركية الناس، وباجتياز مسافات بين أزقتها ودروبها، يدرك الزائر أنها تفتقد الترتيب كما تفتقد النظام، وفي ظل عشوائيتها التي فرضتها طبيعة الحياة البسيطة للسكان، تسعى بعض الجمعيات المدنية إلى أن تكون المنطقة في مستوى يغطي على الأقل، الاحتياجات البسيطة للسكان مثل هيكلة البنيات التحتية وإعادة النظر في قرارات تصاميم البناء التي تلزم السكان اعتمادها لتشييد منازلهم، وهو ما لا يجد له السكان قدرة لتنفيذه، لتبقى البيوت الكائنة في المنطقة تتسم بنوع من الاختلاف بينها من حيث الشكل والتصميم.
وكان الوصول إلى تونفيت فرصة توفرت ل"المغربية" للقاء بعض الفاعلين الجمعويين، مثل المهدي منهو، رئيس "جمعية تاوزة للتنمية، ومحمد محروشة، رئيس جمعية "إست غرغور للتنمية والتضامن" اللذين كشفا أن المنطقة تشهد نقصا حادا في البنيات التحتية، طرق هشة ومسالك محفرة، وأخرى غير معبدة، كما تفتقر إلى المستشفيات والمرافق الاجتماعية والتعليمية، أما رواجها التجاري فينبني على الرعي وحطب التدفئة، كمورد أساسي للعيش، مع استثمارات ضعيفة في الفلاحة التضامنية التي لا تحقق ربحا كبيرا، بقدر ما تحقق بعض الاكتفاء الذاتي للسكان.
ولأن منطقة تونفيت آهلة بحوالي 23 ألف نسمة، فإن قاطنيها يعيشون خصاصا كبيرا في الأنشطة المدرة للدخل، في حين تغيب لديهم فرص أخرى للاستثمار في الموارد الطبيعية التي تتميز بها المنطقة مثل زراعة البطاطس والتفاح.
ويروي الفاعلون أن تونفيت يعود أصل تسميتها إلى كلمة "تنفي" أي أنها لا ترى بالعين بحكم تموقعها الجغرافي وسط السلاسل الجبلية وبالخصوص سلسلتي العياشي والمعكسر، كما تحد تونفيت في الشرق والغرب منابع ملوية.
ومن ثمة فتونفيت تبقى مقيدة بوعورة التضاريس ومحاصرة ببرودة المناخ الذي يشهد تساقطات ثلجية تكرس الواقع الصعب لسكانها والقرى المجاورة لها، خاصة أن تونفيت لا تتوفر على فضاءات للترفيه أو فضاء للأنشطة الثقافية، في خضم التسيير المحلي المتواضع الذي أبقى على تونفيت كمنطقة تشكل مركزا للقرى النائية التابعة لها، لكنها نقطة جغرافية غير مؤهلة لسد احتياجات السكان القاطنين فيها والوافدين عليها.
كما لا تتوفر تونفيت على قسم المستعجلات، ولا على طاقم طبي كاف، اعتبارا إلى أن عدد السكان بها تجاوز 23 ألف نسمة، ما يجبر السكان على قطع مسافات طويلة نحو ميدلت للعلاج والاستشفاء، وفق ما أوضحه الفاعلون الجمعويون.
وينضاف لتونفيت مشكل آخر، يعتبره السكان عويصا، هو ضعف المجاري الصحية التي في كثير من الأحيان ما تؤدي إلى تصدعات وتشققات في المنازل، لا تنفع معها تلك التعديلات الترقيعية، وفي الآن نفسه، مجبرون على اعتماد تصاميم بناء في حالة الإصلاح، وهو الأمر الشاق على السكان لإمكانياتهم المادية المحدودة، مثلما ذكر منهو ومحروشة الفاعلان الجمعويان، دون أن يغفلا التذكير بأن تونفيت تشهد استنزافا مفرطا في أشجار الغابة بشكل قلص من مساحاتها، التي كانت في سنوات سابقة تمتد لهكتارات كبيرة.
وحسب ما ذكره بعض الفاعلين، فإن تونفيت تتوفر على مؤسسات تعليمية محدودة، يقصدها أبناء القرى النائية ويضطرهم البعد الجغرافي إلى المكوث في المنطقة، وكثيرا ما كانت تدفعهم تكاليف الدراسة إلى الانقطاع عنها والاكتفاء بالقرى وتحمل تبعات العيش دون دراسة، دون عمل، دون طموح يُذكر.
عبر المنعرجات
بدت الطريق طويلة من مكناس في اتجاه "زايدة" والتي تحتم اعتماد سيارة أجرة، يشترط سائقها استوفاءعدد الركاب قبل أن ينطلق في رحلة تستغرق ثلاث ساعات، وفي هذه الأثناء كان ممكنا متابعة المناظر الطبيعية للمنطقة، حيث تتباين المنخفضات مع المرتفعات، وتتراءى تجمعات بيوت قروية موحية بالبساطة.
اجتازت "المغربية" طريقا طويلة نحو "زايدة"، لتستقل سيارة أجرة جديدة منها نحو "بومية"، وهنا كانت الطريق بدورها تساعد على رؤية الحقول الممتدة على مرمى من النظر، والتي كانت، مع ذلك، بأعشابها الصفراء تكفي للتملي في الامتداد الطبيعي.
فموعد الرحلة الذي بدأ من الحادية عشرة صباحا من مكناس، كان الجو فيه صحوا، سحب بيضاء في سماء صافية، ورياح خفيفة ترفع الغبار من أعلى الطريق، أجواء تشجع على خوض تجولات عريضة في بقاع مرتفعات جبلية.
وبنوع من التركيز في المشاهد التي عبرت من بينها سيارة الأجرة، كانت في بعض الرقع تصطف حقول مزروعة ومحاطة بسياجات، ووراء أفق هذه المزارع توجد بيوت ذات طراز مهيكل ومصمم.
كان لابد من الاستعانة بسيارة أجرة أخرى عند الوصول إلى "البومية" للانتقال إلى تونفيت، وبالمناظر الطبيعية ذاتها مع اختلاف بسيط في الأشكال والتوزيعات الجغرافية، كانت "المغربية" تراقب مسار السير الذي أخذ طابع الارتفاع مع كل تقدم نحو تونفيت.
دل تباطؤ سيارة الأجرة بأمتار معدودة من تونفيت على أن الرحلة بلغت النهاية، حيث كان ضروريا الاستعانة بفاعلين جمعويين لمرافقة "المغربية" نحو القرى النائية التابعة لتونفيت، خاصة أن سيارات الأجرة لم تكن متاحة في الطريق المؤدية للدواوير، ماعدا امتطاء الدواب وهو حل لم يكن مجديا لضيق الوقت ومشقة الطريق، أو بتسخير سيارة أحد الفاعلين الجمعويين لتمكين "المغربية" من الزيارات، بدافع منهم في التضامن مع الآهالي، وتقديرا للمساعي في التعريف بواقع قراهم البعيدة والأشبه ب"المنسية".
في قلب تونفيت
هكذا وجدت "المغربية" في تونفيت، منطقة تعج بحركية الناس، وباجتياز مسافات بين أزقتها ودروبها، يدرك الزائر أنها تفتقد الترتيب كما تفتقد النظام، وفي ظل عشوائيتها التي فرضتها طبيعة الحياة البسيطة للسكان، تسعى بعض الجمعيات المدنية إلى أن تكون المنطقة في مستوى يغطي على الأقل، الاحتياجات البسيطة للسكان مثل هيكلة البنيات التحتية وإعادة النظر في قرارات تصاميم البناء التي تلزم السكان اعتمادها لتشييد منازلهم، وهو ما لا يجد له السكان قدرة لتنفيذه، لتبقى البيوت الكائنة في المنطقة تتسم بنوع من الاختلاف بينها من حيث الشكل والتصميم.
وكان الوصول إلى تونفيت فرصة توفرت ل"المغربية" للقاء بعض الفاعلين الجمعويين، مثل المهدي منهو، رئيس "جمعية تاوزة للتنمية، ومحمد محروشة، رئيس جمعية "إست غرغور للتنمية والتضامن" اللذين كشفا أن المنطقة تشهد نقصا حادا في البنيات التحتية، طرق هشة ومسالك محفرة، وأخرى غير معبدة، كما تفتقر إلى المستشفيات والمرافق الاجتماعية والتعليمية، أما رواجها التجاري فينبني على الرعي وحطب التدفئة، كمورد أساسي للعيش، مع استثمارات ضعيفة في الفلاحة التضامنية التي لا تحقق ربحا كبيرا، بقدر ما تحقق بعض الاكتفاء الذاتي للسكان.
ولأن منطقة تونفيت آهلة بحوالي 23 ألف نسمة، فإن قاطنيها يعيشون خصاصا كبيرا في الأنشطة المدرة للدخل، في حين تغيب لديهم فرص أخرى للاستثمار في الموارد الطبيعية التي تتميز بها المنطقة مثل زراعة البطاطس والتفاح.
ويروي الفاعلون أن تونفيت يعود أصل تسميتها إلى كلمة "تنفي" أي أنها لا ترى بالعين بحكم تموقعها الجغرافي وسط السلاسل الجبلية وبالخصوص سلسلتي العياشي والمعكسر، كما تحد تونفيت في الشرق والغرب منابع ملوية.
ومن ثمة فتونفيت تبقى مقيدة بوعورة التضاريس ومحاصرة ببرودة المناخ الذي يشهد تساقطات ثلجية تكرس الواقع الصعب لسكانها والقرى المجاورة لها، خاصة أن تونفيت لا تتوفر على فضاءات للترفيه أو فضاء للأنشطة الثقافية، في خضم التسيير المحلي المتواضع الذي أبقى على تونفيت كمنطقة تشكل مركزا للقرى النائية التابعة لها، لكنها نقطة جغرافية غير مؤهلة لسد احتياجات السكان القاطنين فيها والوافدين عليها.
كما لا تتوفر تونفيت على قسم المستعجلات، ولا على طاقم طبي كاف، اعتبارا إلى أن عدد السكان بها تجاوز 23 ألف نسمة، ما يجبر السكان على قطع مسافات طويلة نحو ميدلت للعلاج والاستشفاء، وفق ما أوضحه الفاعلون الجمعويون.
وينضاف لتونفيت مشكل آخر، يعتبره السكان عويصا، هو ضعف المجاري الصحية التي في كثير من الأحيان ما تؤدي إلى تصدعات وتشققات في المنازل، لا تنفع معها تلك التعديلات الترقيعية، وفي الآن نفسه، مجبرون على اعتماد تصاميم بناء في حالة الإصلاح، وهو الأمر الشاق على السكان لإمكانياتهم المادية المحدودة، مثلما ذكر منهو ومحروشة الفاعلان الجمعويان، دون أن يغفلا التذكير بأن تونفيت تشهد استنزافا مفرطا في أشجار الغابة بشكل قلص من مساحاتها، التي كانت في سنوات سابقة تمتد لهكتارات كبيرة.
وحسب ما ذكره بعض الفاعلين، فإن تونفيت تتوفر على مؤسسات تعليمية محدودة، يقصدها أبناء القرى النائية ويضطرهم البعد الجغرافي إلى المكوث في المنطقة، وكثيرا ما كانت تدفعهم تكاليف الدراسة إلى الانقطاع عنها والاكتفاء بالقرى وتحمل تبعات العيش دون دراسة، دون عمل، دون طموح يُذكر.
عبر المنعرجات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق